نصائح كوينتوس كورتيوس لتعلم اللغات الأجنبية

كما هو حال العديد من المهارات المحورية، فهناك العديد من اﻹختلافات حول كيف يمكن تحقيق ذلك. لقد أقنع العديد من الناس أنفسهم بأن هذا الهدف خارج متناولهم، مع أنهم في الواقع لم يتجهوا نحوه بكفاءة. وهنا أرغب بمشاركة نصائحي وتصوراتي الخاصة حول ما افادني طوال السنين.

نصائح كوينتوس كورتيوس لتعلم اللغات الأجنبية
إحدى النقاط الرئيسية في التطور الشخصي هي تعلم اللغات اﻷجنبية - كوينتوس كورتيوس

إحدى النقاط الرئيسية في التطور الشخصي هي تعلم اللغات اﻷجنبية. ولسوء الحظ، كما هو حال العديد من المهارات المحورية، فهناك العديد من اﻹختلافات حول كيف يمكن تحقيق ذلك. لقد أقنع العديد من الناس أنفسهم بأن هذا الهدف خارج متناولهم، مع أنهم في الواقع لم يتجهوا نحوه بكفاءة. وهنا أرغب بمشاركة نصائحي وتصوراتي الخاصة حول ما افادني طوال السنين.

لا أحد سيساعدك. هناك خرافة شائعة تقول أن إحاطة نفسك بمتحدثين أصلاء سيساعدك على التعلم بالامتصاص. أو قد يظن الرجال أن عشيقة ناطقة أصيلة ستحل كل مشاكلهم. واﻷمر ليس كذلك. فعليك أن تقوم بالعمل الشاق في البدء، والناطق اﻷصيل، ولو كان صديقاً أو عشيقة، لن يتمتع معظم الوقت بالصبر على الأستماع لعثراتك في لغته. وفي العديد من الحالات في البلاد الأجنبية، سيكون الناس أشد أهتماماً بأستعمالك للتمرس في اﻷنجليزية. بالطبع فإن التعامل مع اﻵهلين أمر ضروري، ولكن يجب أن تكون واقعياً حول ما يمكن وﻻ يمكن لذلك تحقيقه. وسيحالفك النجاح فقط حين تفهم أن عليك النضال لهذا الهدف وحدك.

إن صفوف تعليم اللغات بالمحادثة أفضل من ﻻ شيء، لكنها في العادة أقل الطرق كفاءة. وذلك ببساطة ﻷنها أساسية جداً. فهي ليست صعبة بما يكفي، وتستخدم طرق توجيه بطيئة وقديمة العهد. كما أنها شديدة التباعد. لكنك تحتاج لتواصل يومي مع اللغة، وهو ما لا يتكفل به العمل الصفي. وبدلاً من ذلك ركز على أن تصبح متعلماً ذاتياً.

اختر كتبك، كتب تمرينك، وتسجيلاتك بعناية شديدة. فمعظم المساقات courses المتاحة تجارياً هي ببساطة أسهل مما يجب. وأنت بحاجة لشيء يفرض متطلبات جادة على قدراتك اﻹدراكية لو رغبت بالتحسن. وقد وجدت أن الموارد التي تقدمها المطابع اﻷكاديمية لجورج تاون، ييل، كامبردج، وأكسفورد جيدة جداً. وأيما تكن المساقات التي تختارها، يجب أن تشترك في عدة أمور:

1- يجب أن تتضمن عدداً كبيراً من المحاورات في شتى المواقف: المواقف اﻹجتماعية البسيطة، الطبيب، العمل، التوظيف، اﻹيجار، الموسيقى، المواعدة، إصلاح السيارة، مناقشة السياسة، الصحة، التعليم، اﻷحداث الجارية، الخ. ويجب أن تكون هناك تسجيلات مصاحبة للمواد. فالكتب دون تسجيلات ﻻ تعني الكثير. فعليك أن تستمع للمحادثات وتحفظها، وتكررها بصوت عالي، متحدثاً مع نفسك. فالتكرار امر جوهري، وأنت تحتاج ﻷن تسمع نفسك تتحدث. أنا افضل المساقات التي تستخدم طريقة “اللغة الطبيعية”: حيث تستخدم اللغة الهدف وحدها في التوجيه، وليس اﻹنجليزية. فأنت في حاجة لتدريب نفسك على استخدام اللغة من البداية.

2- يجب أن تكون طباعة الكتب جيدة كي تتحمل اﻷستعمال المستمر، وفي صفحاتها هوامش واسعة لكتابة الملاحظات. فكل كلمة ﻻ تعرفها يجب أن تكتب وتقرأ بوضوح. احتفظ بدفتر منفصل لتكتب فيه الكلمات من جديد، وراجعها بشكل متكرر.

3- في المراحل المتوسطة والمتقدمة، عليك بأستخدام كتب قراءة readers جيدة ذات هوامش تفسيرية وفيرة. سيضم كتاب القراءة الجيد مختارات من المقالات في الصحف الكبرى، التاريخ، الفولكلور، التعليم، الفن، الخ. حيث يجب عليك أن تتعرض لشتى أنواع المفردات.

4- اشتري تشكيلة من المساقات. فلن يكفيك أي مساق واحد. والتنوع سيفيدك جداً، ويساعد في تقوية التعلم السابق.

5- إضافة للكتب والتسجيلات الجيدة، ستحتاج الى مرجع قواعدي جيد في المراحل المتوسطة والمتقدمة. ﻻحظ أني لم أذكر المبتدئة: فمحاولة تعلم قدر وفير من القواعد في البداية لن ينجح اﻻ في ابطائك. تذكر أن الهدف هو تعلم اللغة، ﻻ التعلم عن اللغة.

6- بطاقات التذكر flashcards ﻻ بأس بها كمكمل في وقت فراغك، مع بعض التحفظات. عليك أن تملك مجموعة تضم قرابة 2500 من اﻷفعال اﻷكثر شيوعاً (اﻹفعال أهم من اﻷسماء). ولكن كي تكون لها أي قيمة، يجب أن تضم البطاقات جمل إيضاحية على أحد الوجهين. اقرأ هذه العملة دوماً: فالحفظ يحصل في سياق ﻻ في عزلة. وأنا معجب بالبطاقات التي تنتجها شركة Tuttle للنشر، التي أظن أنها استرالية.

7- العواطف تؤثر على اﻷداء. كن على حذر من تقييد “حواجز شعورية” قد تقيد من أدائك. يجب أن تتم الدراسة في وقت تكون فيه مرتاحاً ونشطاً، وليس وأنت متعب.

8- ﻻ تقلق كثيراً من اختلاف اللهجات، وتعلم فقط الصيغة المتعارفة من أي لغة تدرسها. يميل اللغويون والمختصون ﻹثارة كثير من اللغط حول وجود لهجات مختلفة في أي لغة تدرسها. لكن العديد من اللغات تتمتع بصفة “الديغلوسيا” حيث توجد عدة “صيغ” من نفس اللغة تستخدم في سياقات رسمية وغير رسمية. وهم محقون، لكنهم أيضاً يميلون لجعل اﻷشياء تبدو أصعب مما هي عليه. وشدة التركيز على ذلك قد تعيق أداءك. تعلم فقط الصيغة المتعارفة من اللغة، ويمكنك تعلم الصيغ اللاحقة ما أن يكون لديك أساس من الكفاءة. فلا تشغل نفسك مثلاً بتعلم لهجة ما من اﻹيطالية، بل تعلم فقط الصيغة اﻷدبية المتعارفة، في البداية على اﻷقل.

9- كثيراً ما تكون الكتب القديمة أفضل من الجديدة. ﻻ يصح ذلك دوماً بالطبع، لكنك ستتعجب من مدى جودة اﻷعمال التي صدرت في الـ 1960ات مقارنة باليوم وأنا أعتقد ايضاً أن المساقات القائمة على الحاسوب بلا قيمة عموماً.

10- اطلب من الناطقين اﻷصلاء أن يصححوا لك. فالتصحيح المباشر في نفس الموقف سيساعدك على تجنب ما يعرف ب"الأخطاء المتحجرة”، أو الأخطاء التي تظل عالقة في أسلوب حديثك.

11- توقف كل بضعة أشهر. فالعقل في حاجة ﻷن يرتاح ويدع المادة “تتماسك” في دماغك. وستجد أن المعاودة بعد وقفة قصيرة ستمكنك من أن تصبح أقوى وأفضل من ذي قبل.

12- اﻷلتزام اليومي ضروري لترسيخ تراكيب وأنماط الللغة في ذاكرتك طويلة اﻷمد. فعليك أن تعمل نصف ساعة اﻷقل كل يوم، ولعدة سنوات.

لو كنت تدرس أكثر من لغة واحدة في نفس الوقت، فأحرص على أن تستخدم مناضد أو طاولات مختلفة في شقتك أو منزلك. لقد تعلمت هذه التقنية من سيرة للسير ريتشارد بيرتون، المستكشف واللغوي البريطاني المذهل من القرن الـ19. فقد كانت لديه طاولة مختلفة في منزله لكل لغة يدرسها. والتقنية تعمل حقاً: فالعقل يميل ﻷن يربط كل مكان مختلف مع ما دُرس هناك، وذلك يسرّع من التعلم ويمنع من “التداخل اللغوي” حيث تشتبك لغة ما باﻷخرى.

13- عليك أن تتعرض بأنتظام للمسلسلات، اﻷفلام، النشرات الجيبية podcasts، برامج الكابل، أو التلفاز. والترجمة مفيدة لو استطعت الحصول عليها. والتلفاز الفضائي “المجاني” جيد أيضاً. وقد جعل اﻹنترنت من الخيار القديم، راديو الموجة القصيرة، أمراً منتهياً.

14- ﻻ تبق على نفسك عالقاً في ثغرة. فتعلم اللغات يشبه التمرين. ستمر أحياناً بفترات مستقرة plateaus وﻻ ترغب لعقلك أن يستقر في ثغرة مريحة. كل بضعة أشهر، قم بتحفيز نفسك وخلط الوعاء قليلاً. فأنت في حاجة لصعق نظامك دورياً لمنع الرتابة والروتين من استنفاد إدراكك النشط.

15- احفظ قصة قصيرة، حادثة، حكاية، أو قصيدة، وكن قادراً على إلقائها دون أخطاء. في العصور القديمة، كان متعلمو اللغات يحفظون مقادير هائلة من النصوص في اللغة الهدف. وذلك يساعد على تثبيت التراكيب في دماغك. كما أنه طريقة جيدة ﻹبهار الناطقين اﻷصلاء. فالقدرة على ترديد قصة أو حكاية كاملة في اللغة الهدف سيكون أمراً ملفتاً جداً.

16- في المستويات المتوسطة والمتقدمة، تعد فكرة جيدة أن تذهب إلى مواقع أخبار مهم باللغة الهدف وتطبع مقالات قصيرة من صفحة واحدة عن اﻷحداث الجارية، الاقتصاد، الصحة، الثقافة، أو أي شيء، ثم تقوم بترجمتها. واحتفظ بدفتر تدون فيه كل المفردات غير المعروفة. ثم اقرأ المقالة بصوت واضح. سيبقيك ذلك على علم بالتراكيب، الصياغات، والثقافة الشائعة.

17- توقع الفترات المستقرة، وﻻ تشعر تجاهها بالحيرة أو اﻹحباط. أكثر أنواعها شيوعاً هي:

أ. المفردات المحدودة (أن تجد نفسك تستخدم نفس الكلمات مراراً وتكراراً)

ب. اﻷخطاء المتحجرة (ارتكاب نفس اﻷخطاء لوقت طويل بحيث تصبح جزءاً من روتين حياتك)

ج. عدم معرفة ما يكفي من التراكيب القواعدية للتعبير عن نفسك بشكل كامل.

كما قلت من قبل، فعليك فقط أن تناضل للخروج من الفقرات المستقرة. استمر بالتقدم للأمام، أبق على الجهد اليومي، تذكر أن من ينجحون في التعلم هم المستعدون لبذل الجهد. قد يكون تعلم اللغات جهداً مضنياً جداً بعض اﻷحيان، ولكن عليك أن تكون متحفزاً لفعله. وعوائد ذلك ﻻ تقدّر بثمن. فحين تجد نفسك في أرض غريبة تتحدث مع ناطقين أصلاء وتلقي عنهم بجلدك القديم، ستعرف دون شك أنك قد قضيت وقتك بحكمة.

ترجمة: حيدر راشد